حجة.. عالقة بين أكثر من «صِفر»

65 ٪ من مديرياتها بدون كهرباء والتلوث المائي أودى بحياة 25 مواطناً في بني قيس



26/02/2008



أحمد القرشي



وفاة نحو 25 مواطناً في بني قيس بمحافظة حجة أواخر الشهر الماضي، لا يستحق أن يكون سبباً لإقالة وزير الصحة أو حتى مديرها العام بالمحافظة. فحياة المواطن وأمنه الصحي والحياتي شيء من ترف يمكن تجاوزه والقفز عليه بسهولة.



بني قيس هذه المرة طفت على السطح، والمسؤولون المحليون يؤكدون بأن الوضع تحت السيطرة رغم أنف الـ 25 ومئات الآلاف الباقين على شفير الموت الصامت ورحمة الوباء المقدور على احتوائه –في غير اليمن.



بني قيس كانت الأوفر حظاً بـ 25 ضحية سلطوا الضوء على موت لا يتأبطها وحدها ضمن قائمة تطول اسمها محافظة حجة.



المديريات الساحلية والجبلية القريبة من الساحل تأتي في مقدمة الضحايا المسكوت عنها، فقد أظهرت إحصاءات رسمية تخلفاً كبيراً تعانيه المحافظة الحدودية في مختلف الخدمات الضرورية كالتعليم والصحة والكهرباء والصرف الصحي والتنمية الزراعية رغم ما تمثله المحافظة من أهمية بشرية وجغرافية وتنوع ديمغرافي.



تشرف محافظة حجة على الحدود الدولية لبلدين جارين هما المملكة العربية السعودية من الجهة الشمالية الغربية للبلاد، بحدود برية وبحرية، ودولة إريتريا من جهة الغرب والتي يفصلها البحر الأحمر.



تتكون من 32 مديرية (مجلس محلي) وعشرين دائرة برلمانية بتعداد يزيد على (1.480.897) نسمة بحسب تعداد 2004م.



وتعد المناطق الواقعة في الساحل التهامي من المحافظة على رأس قائمة المناطق الأكثر حرماناً رغم أنها تمثل المصدر الأول للدخل العام بالنسبة للمحافظة، ومن تلك المناطق بني قيس وعبس وحرض وحيران وميدي وقضائي (الشرفين ووشحة), يواجه سكان تلك المديريات صعوبات جمة لبعدها عن مركز المحافظة واستثنائها في السنين الماضية من الخدمات إلى حد كبير.



رغم الكثير من محاولات تحويل مديرية عبس الواقعة في منطقة الوسط إلى محافظة جديدة على غرار الضالع وريمة وعمران، فإن ذلك لم يتم حتى الآن والذي إن تحقق سيخفف كثيراً من الحرمان.



دراسة أعدتها قيادة محافظة حجة بمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني الـ15لإعادة تحقيق الوحدة أكدت أنها تعيش تخلفاً مخيفاً، فمشاريع مياه الشرب لا زالت غائبة عن أغلب مديريات المحافظة. تشير الدراسة إلى أن 12 مركز مديرية من إجمالي المديريات 32 بها مشاريع مياه حكومية، وعلى أرض الواقع فإن تلك المشاريع لا تعمل عدا مشروع مدينة حجة وحرض الذي يغطي أقل من نصف المدينة. أما مشروع مدينة المحابشة فقد مضى على توقفه نحو 30 عاماً ومشروع عبس أكثر من 20عاماً.



الدراسة التي بعنوان "محافظة حجة 15 عاماً من عطاءات الوحدة المباركة" أشارت إلى أن التعليم بمختلف مراحله حظي بـ(635) مشروعاً تعليمياً، منها 626 للتربية والتعليم بعضها لم يتم البدء بتنفيذه حتى الآن، وكليتان للتربية في مدينتي حجة وعبس، وكلية مجتمع واحدة ومعهد صحي.



في حين أوردت الدراسة ذاتها عدد 49 طريقاً إسفلتيا ومردوماً. وبالرجوع إلى الواقع، نجد بأن أغلب تلك الطرق لا زالت ردميات من أيام التعاونيات في ثمانينات القرن المنصرم. كما تم احتساب طريق حرض صنعاء الذي يمر بكثير من مديريات المحافظة كطريق منفصل خاص بالمديرية ما تسبب في احتسابه أكثر من عشر مرات.



أما ما يتعلق بالخدمات الصحية، فتوجد في المحافظة فقط ثلاثة مستشفيات؛ اثنان في مدينة حجة أحدهما أنشأته وتديره الحكومة السعودية حتى اليوم والثالث في مدينة حرض الحدودية، وما عدا الأول فما تسمى مجازاً بمستشفيات حكومية تفتقر للكثير من التجهيزات والمعدات الطبية ونوعاً ما مستشفى حرض والمستشفى الجمهوري بمدينة حجة.



كما توجد نحو 150 منشأة صحية في كثير من المديريات أغلبها مغلق أو مشلول عن العمل لعدم توفر الكوادر والتجهيزات اللازمة.



أما الصرف الصحي فلا يوجد سوى مشروع واحد هو مشروع مدينة حجة فقط.



ومع أن (80%) من السكان يعملون في الزراعة والرعي، فقد أوردت الدراسة بأن 99 مشروعاً استثمارياً زراعياً في المحافظة، ولم يحدد ما هي نوعية تلك المشاريع. وعودة إلى الجداول التفصيلية للمديريات، نجد بأن أغلب المديريات ذات الكثافة الزراعية تفتقر إلى السدود والحواجز المائية ولا يوجد بها مراكز للإرشاد الزراعي والصحة البيطرية.



نسبة الاستثمار في المجال الصناعي (صفر %) إذ لا توجد أي مصانع في المحافظة بالكامل، ويقتصر فقط على الصناعات الحرفية ذات الطابع الأسري والفردي كصناعة الفخار والكوافي و"الظلل" وأحزمة وأغماد الجنابي، وحتى هذه تشهد تراجعاً كبيراً لقلة الإقبال عليها وضعف الجدوى الاقتصادية لها.



65% من مديريات المحافظة لم تصلها الكهرباء نهائياً، والنسبة الباقية تنحصر الكهرباء فيها على مراكز المديريات، ولعدة ساعات في اليوم فقط مع اختلالات وأعطال شبه دائمة. وتبقى القرى يلفها الظلام.



مديرية حرض (94391) نسمة -منفذ إلى الخليج العربي ومصدر لتوريد مليارات الريالات سنويا (جمارك،ضرائب، زكوات، وأشياء أخرى) يحصل أقل من 20% من سكانها على مياه صالحة للشرب. أي أن حوالي 78 ألف نسمة يشربون مياه غير مأمونة. وخدمة الصرف الصحي فيها صفر%. وبها مستشفى واحد، ومركز أمومة واحد، وعدد الأطباء 12 طبيباً، أي أن كل 7866 نسمة خصص لهم طبيب واحد. ورغم أنها زراعية 100% فإنها لا تتمتع بأي منشآت زراعية سوى مركز إرشادي واحد. كما أن 13% من سكانها كمنطقة حارة يحصلون على الكهرباء لساعات محدودة في اليوم.



أما مديرية المحابشة - (51275) نسمة – فإضافة لمشروع مياهها الذي تجاوز30عاماً فإن الصرف الصحي بها صفر%. وفيها مستشفى واحد ومركز صحي واحد. ومركز واحد للأمومة وتفتقر جميعها لأغلب التجهيزات والمعدات، وفيها 7 أطباء و5 ممرضين فقط بواقع طبيب واحد لكل 7325 نسمة، وممرض واحد لكل 10255 نسمة، ويضطرون لنقل مرضاهم إلى العيادات الخاصة في مديرية عبس وحجة.



تعد مديرية المحابشة منطقة زراعية 100% كحال أغلب مديريات حجة، ومع ذلك فإن فيها حاجزاً مائياً واحداً فقط، ولا يوجد أي مركز للإرشاد الزراعي نهائياً.



أما مديرية "الشغادرة" فالصورة الرمز ليست سوى مدرستين في أرض فلاة من مجموع 22 مدرسة بني معظمها قرب منازل المشائخ والمتنفذين، وتستخدم كـ"دواوين" في الأفراح والأتراح، ونسبة المشاريع الخدمية (المياه،الصرف الصحي, الكهرباء) في تلك المديرية صفر%، أما الصحة ففيها (وحدتان ومركز صحي) تفتقر جميعها – بحسب الأهالي – إلى حبوب " برمول " للصداع.



وفي مديرية عبس أكبر مديريات محافظة حجة عددا ومساحة إذ يبلغ تعدادها أكثر من (134450 نسمة)، مستوى الخدمات المقدمة لهم صفر%. ومن ذلك العدد ما نسبته70% من سن 10سنوات فما فوق أميون، أي (94115 نسمة) وفي المديرية كلها ثلاثة أطباء وثلاثة ممرضين فقط لكل (44816 نسمة) طبيب واحد وممرض واحد.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]